|
|
|
|
عجوز تحبو بدل المشي داخل كوخ ناء.. |
|
|
2015-11-30 10:40
|
|
|
إن الصور التي عدنا بها من هذا الكوخ، قد تكفي وتنوب عن كل العبارات
المنمقة التي قد نكتبها، لذا فقد حاولنا جمع أكبر قدر من الصور حتى تكون شاهدا على
مأساة بشر لا يزالون يتخذون من الكهوف بيوتا، فالكوخ كان عبارة عن مجموعة من الشطب
والحطب الهش جعلوا منه ركيزة تغطى بالطوب والطين حتى تشكلت هذه الأسوار الرديئة
التي اتخذتها هذه العجوز –المعاقة- مع شقيقها وزوجته والذي يعاني هو الآخر من الصم
التام..
تنقلنا رفقة جمعية الجمال لذوي الاحتياجات الخاصة إلى
أعالي جبال شرشال، بعد أن تلقينا دعوة من رئيس الجمعية السيد بلعيد
فركي لمرافقته في زيارة بعض الحالات، وأول ما اقترحه علينا هو زيارة خالتي
عائشة باعتبارها حالة خاصة، فلم نملك إلا الموافقة على مطلبه، لنباشر رحلتنا من
وسط مدينة شرشال إلى أعالي جبالها التي ورغم أنها لا تبعد كثيرا عن المدينة إلا أن
الطريق إلى هناك كان وعرا جدا، فاضطررنا السير على الأقدام لمسافات حتى نبلغ مقصدنا..
مأساة..على أعالي الجبال!!
نزلنا من السيارة لنسلك دربا بدأت الحشائش تنمو على حوافه من قلة
مستعمليه، فمشينا فيه مسيرة تزيد عن 100 متر، مرورا وسط نبات الصبار الذي كاد يخفي
الطريق كله، حتى وصلنا إلى باب من الزنك الصدئ الذي كان يخفي وراءه أشجارا عتيدة
كانت هي الأخرى تغطي ورائها كوخا صغيرا صنع بابه من بضع ألواح من الخشب، وأسواره
من الطوب والطين، وأرضه من الاسمنت..استقبلتنا زوجة شقيق خالتي عائشة، لتقودنا على
الغرفة التي تقيم فيها خالتي عائشة وتمضي فيها معظم يومها، وحتى نلج الغرفة،
اضطررنا إلى الانحناء، فالباب كان لا يزيد عن علو متر وبضع سنتيمترات فقط، لذا
فعلى أي أحد مهما كانت قامته الانحناء من أجل الدخول، لنجد خالتي عائشة جالسة أو
بالأحرى منكمشة على حافة سريرها باعتبارها لا تقف أبدا على رجليها بسبب إعاقتها،
فرحبت بنا وكأننا نحمل لها في جعبتنا كل الفرج والانعتاق من هذه الحال..
غرفة خالتي عائشة عبارة عن أسوار من الطوب –كباقي أرجاء الكوخ- أصيبت
بالتشدق بعد الزلازل حتى لا نقول الزلزال، فإقامة العائلة في هذا الكوخ تعود إلى
بداية سنوات الثمانينات وقد تعاقبت عليها زلازل عدة كانت لها المساهمة الكافية في
وضع الكوخ الذي ينذر بالسقوط في الهاوية في أي لحظة، علما أن موقع الكوخ موجود على
حافة الجبل، قد تكفي ليلة ماطرة لتجر بأسواره إلى السفح، فضلا عن برودته، ضيقه،
ودخول قطرات المطر من خلاله لتصنع جداول رقيقة على أسواره وسقفه المصنوع أصلا من
صفائح الزنك والبلاستيك، أما باقي المنزل فهو عبارة عن غرفة ومطبخ صغير على شاكلة
غرفة خالتي عائشة، ومرحاض مشكل من القصب أرضيته تراب مغطى بقطعة قماش مترهلة..
برد وعوز..وحرمان بكاد لا يوصف
خالتي عائشة، عجوز في العقد السابع من العمر، أصيبت في صغرها بمرض
غريب أفقدها القدرة على المشي والوقوف، فهي لا تسير إلا باستعمال يديها وهي تحبو
حيث تدخلهما في شاحطتين حتى لا تجرحهما، غير أن ساقاها لم تسلما من الجروح
والالتهابات بسبب احتكاكها الدائم بأرضية الاسمنت، ولكم أن تتصوروا حالتها خلال الأمطار
وهي تضطر للخروج مرات ومرات إلى المطبخ أو حتى إلى المرحاض الذي يقع خارج المنزل
والطريق إليه تراب وأوحال، ما يجعلها مضطرة لتغيير ملابسها بعد كل مرة تخرج فيها..
أما عمي احمد شقيق خالتي عائشة، فهو اكبر منها سنا بقرابة
العشر سنوات، فهو شيخ في الثمانينات من العمر، كان مجاهدا، سجنه المستعمر لأكثر من
5 سنوات، ليخرج من السجن أصما لا يسمع منذ ذلك الحين، وبعد الاستقلال عمل في
التنظيف، ليحظى بمنحة تقاعد ضئيلة جدا لا تكاد تكفيه لضمان الخبز والحليب، وبسبب
هذه الأوضاع لم يستطع العلاج ولا حتى تركيب آلة للسمع يستعين بها..
من ينجدهم بالمساعدة !!
يحتاجون مدفأة غاز وأفرشة..وسكنا لائقا!!
بعد أن بلغت من الكبر عتيا، لم تعد خالتي عائشة تطمع في المشي فقد
عاشت شبابها وهي تحبو على أربع ولم يعد هذا يعني لها الكثير، بل كل ما تطمع فيه هو
إكمال حياتها داخل سكن لائق، تنام فيه دون أن تخشى سقوط السقف عليها او انحدار
الجدران، علما أن المنزل –الشبيه بكوخ- بارد جدا شتاءا، ولا يمكن تدفئته بسبب عدم
توفره عداد كهربائي، إلا خيط كهربائي تبرع به أحد الجيران لإنارة المنزل فقط، كما
يفتقر إلى الغاز الطبيعي فضلا عن بعد الكوخ عن المدينة لاقتناء غاز البوتان أو
اقتناء مختلف الحاجيات اليومية..
هذه هي الحال التي يحيا فيها هؤلاء منذ سنوات لم يعد عمي احمد يذكر
تعدادها، مع افتقارهما إلى كل ما تقوم عليها الحياة من كهرباء، غاز، مأكل، أفرشة وكل
شيء، فالكوخ بالكاد يحوي أهله، ولكم كان قاسيا علينا الوقوف على حالة مماثلة، خاصة
وأن الأمر يتعلق بمسنين قد يكونان في سن آبائنا أو أمهاتنا، لكن مهمتنا الإنسانية
تفرض علينا نقل ما رأيناه والسعي لضمان المساعدة لهما، لذا فنحن ندعوكم إلى هبة
تضامنية لرفع الغبن عن هذين العجوزين، وتحريرهما من هذا العذاب الذي سلب منهما
حلاوة الحياة، فلا تبخلوا بالخير، اتصلوا بنا على الرقم 0554.72.01.85
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|
|